برشلونة.. مصنع المواهب مستمر: من ثلاثية فيرمين التاريخية إلى فلسفة “لا ماسيا” الراسخة
23 أكتوبر 2025يواصل نادي برشلونة الإسباني ترسيخ مكانته كواحد من أبرز مصانع المواهب في عالم كرة القدم. فبينما يتألق النجم الشاب فيرمين لوبيز حاليًا تحت قيادة المدرب هانزي فليك، يأتي هذا التألق كاستمرار لإرث طويل من الاعتماد على أكاديمية “لا ماسيا”، وهو النهج الذي طالما افتخر به رئيس النادي خوان لابورتا، حتى في سياق إنجازات اللاعبين على المستوى الدولي.
فيرمين لوبيز يدخل تاريخ دوري الأبطال
يعيش لاعب الوسط الشاب فيرمين لوبيز (22 عامًا) أفضل فتراته هذا الموسم، خاصة بعد عودته من إصابة عضلية. وقدم لوبيز أداءً مذهلًا أمام أولمبياكوس في دوري أبطال أوروبا، حيث قاد الفريق للفوز بتسجيله ثلاثة أهداف “هاتريك” (الهدفين الأول والثاني، والخامس للفريق)، ليحسم المباراة عمليًا.
الأمر اللافت أن فيرمين، الذي يلعب بقدمه اليمنى، سجل الأهداف الثلاثة بقدمه اليسرى، مما يظهر مدى تكامله كلاعب. وبهذه الثلاثية، وضع فيرمين (22 عامًا و 163 يومًا) اسمه في سجلات تاريخ النادي، ليصبح ثاني أصغر لاعب من برشلونة يسجل “هاتريك” في تاريخ دوري الأبطال (بمسماه الحديث منذ 1992-1993)، خلف البرازيلي نيمار فقط (الذي سجلها بعمر 21 عامًا و 309 أيام ضد سلتيك في 2013)، ومتفوقًا في هذا الترتيب الخاص على أساطير مثل ليونيل ميسي.
موهبة شاملة بختم “لا ماسيا”
لا يقتصر تميز فيرمين على قدرته التهديفية العالية كلاعب وسط، بل هو يمثل نموذجًا متكاملًا لخريج “لا ماسيا”. فهو لا يضمن فقط التحكم الممتاز بالكرة، بل يضيف إلى ذلك القدرة على المراوغة، واختراق المساحات، والدخول من الخط الثاني، بالإضافة إلى شراسته الكبيرة في الضغط على الخصوم.
وبات فيرمين تاسع لاعب في تاريخ برشلونة يسجل “هاتريك” في حقبة دوري الأبطال، لينضم لقائمة من العيار الثقيل تضم ريفالدو، صامويل إيتو، رونالدينيو، أردا توران، ليونيل ميسي، روبرت ليفاندوفسكي، نيمار، ورافينيا. كما عادل رقمًا تاريخيًا كأحد ثلاثة لاعبين إسبان فقط سجلوا ثلاثية للبارسا في تاريخ البطولة الأوروبية (بمسماها القديم والحديث)، إلى جانب كارليس ريكساش (1974) و “بيتشي” ألونسو (1986).
ثقة فليك ومكافأة قادمة في الكلاسيكو
يبدو أن هذا التألق في طريقه ليمنح لوبيز مكانًا أساسيًا في تشكيلة هانزي فليك خلال مباراة الكلاسيكو المرتقبة. فعلى الرغم من أن المدرب الألماني لم يكن راضيًا تمامًا عن موقف اللاعب في فترة الإعداد للموسم الجديد، وكاد اللاعب أن يتأثر باهتمام نادي تشيلسي في آخر أسبوع من سوق الانتقالات، إلا أن فيرمين استعاد مستواه البدني سريعًا.
وقد أكد فليك ثقته باللاعب عندما طالبه بالبقاء، مؤكدًا له أنه يراه عنصرًا حاسمًا. والآن، يجني المدرب ثمار ثقته، حيث يقدم لوبيز مستويات تجعله مرشحًا بقوة للمشاركة في المباريات الكبرى، وربما لفت أنظار مدرب المنتخب لويس دي لا فوينتي.
إرث لابورتا: نجاح النادي ينعكس على المنتخب
هذا البروز لمواهب “لا ماسيا” مثل فيرمين لوبيز، وقبله غابي وبيدري ولامين يامال، يصب مباشرة في الفلسفة التي يروج لها الرئيس خوان لابورتا. فلطالما أكد لابورتا أن العمل الذي يتم داخل برشلونة هو أساس نجاح الكرة الإسبانية.
وفي تصريحات شهيرة له (خلال فترة كأس العالم 2022)، أرجع لابورتا الفضل في أداء منتخب إسبانيا القوي آنذاك إلى العمل الذي كان يقوم به المدرب السابق تشافي هيرنانديز في برشلونة. وقال لابورتا للصحفيين حينها: “أعتقد أن أداء إسبانيا رائع. إنه مدعاة للفخر في برشلونة أن نرى مستوى لاعبينا والمنتخب. إنهم أحد المرشحين للفوز”.
وأضاف مؤكدًا: “تشافي يبلي بلاءً حسنًا. ما يحدث في منتخب إسبانيا هو نتيجة لعمل تشافي الجيد. لويس إنريكي (مدرب إسبانيا وقتها) كان ناجحًا للغاية بالاعتماد على تشكيلة غالبيتها من نادينا، وهو ما يسهل اللعب. يستحق تشافي الثناء لأنه منحهم فرصة اللعب في الفريق الأول”.
وجاءت تصريحات لابورتا في وقت كان فيه منتخب “لاروخا” قد استهل مشواره بفوز كاسح 7-0 على كوستاريكا، وشهدت تلك المباراة تسجيل غابي، لاعب برشلونة، هدفًا جعله أصغر لاعب يسجل لإسبانيا في كأس العالم، والأصغر في المونديال بشكل عام منذ الأسطورة البرازيلية بيليه عام 1958، مما يؤكد أن مصنع برشلونة لا يتوقف عن إنتاج المواهب القادرة على صناعة التاريخ.

