تعافي الاحتياطي النقدي ورهان “الهيدروجين الأخضر”.. ملامح الخارطة الاقتصادية الجديدة لمصر
2 ديسمبر 2025في مؤشر إيجابي يعكس بداية استعادة الاستقرار المالي، كشف البنك المركزي المصري عن ارتفاع صافي احتياطيات النقد الأجنبي ليصل إلى نحو 33.411 مليار دولار في شهر أكتوبر، مقارنة بـ 33.198 مليار دولار في سبتمبر، محققاً زيادة قدرها 213 مليون دولار تقريباً. وتأتي هذه الأرقام متماشية مع خطة طموحة أشار إليها محافظ البنك المركزي، حسن عبدالله، في تصريحات سابقة، تستهدف مضاعفة الاحتياطي النقدي للبلاد خلال السنوات الأربع المقبلة، لتعزيز الملاءة المالية للدولة في مواجهة التحديات العالمية.
هذا التحسن الملموس في الأرقام جاء مدعوماً بخطوات حاسمة؛ إذ أعلنت الحكومة المصرية مؤخراً عن الوصول لاتفاق على مستوى الخبراء مع صندوق النقد الدولي، يمهد الطريق للحصول على قرض بقيمة 3 مليارات دولار. ويعد هذا القرض جزءاً من حزمة تمويل خارجي أشمل تصل قيمتها إلى 9 مليارات دولار، تساهم فيها مؤسسات دولية وشركاء إقليميون. وجاءت هذه الانفراجة التمويلية عقب قرارات “جريئة” اتخذها المركزي، شملت رفع أسعار الفائدة بمقدار 200 نقطة أساس في اجتماع استثنائي، واعتماد سياسة سعر صرف مرن، وهو ما دفع الدولار لتجاوز حاجز الـ 24 جنيهاً، مسجلاً مستويات تاريخية جديدة في ذلك التوقيت.
طموح عالمي في سوق الطاقة النظيفة
وبالتوازي مع المسار المالي، تتحرك الدولة بخطى متسارعة نحو تعزيز الاقتصاد الحقيقي من خلال قطاع الطاقة؛ حيث كشف وزير البترول والثروة المعدنية، كريم بدوي، عن استراتيجية مصر لاقتناص حصة تبلغ 8% من السوق العالمية للهيدروجين الأخضر. وخلال كلمته في الجلسة الافتتاحية لقمة عمان الرابعة للهيدروجين الأخضر، أكد الوزير أن مصر تستهدف الوصول بطاقتها الإنتاجية إلى 10 ملايين طن سنوياً خلال العقود القادمة، مدعومة بحزم حوافز استثمارية جديدة يجري الإعداد لها حالياً لجذب كبار اللاعبين الدوليين.
واستعرض بدوي المقومات التي تجعل من مصر مركزاً محورياً لهذا القطاع، مستنداً إلى موقعها الاستراتيجي كبوابة لأفريقيا وجسر يربطها بأوروبا، فضلاً عن مشروعات الربط الكهربائي القائمة مع قبرص واليونان. ولفت الوزير بشكل خاص إلى الدور الحيوي للمنطقة الاقتصادية لقناة السويس، التي توفر بنية تحتية متطورة للصناعات الخضراء ومرافق مؤهلة لتموين السفن بالوقود الأخضر، مما يعزز سلاسل الإمداد العالمية.
شراكات دولية ومشروعات على الأرض
ولم تكتفِ القاهرة بالخطط النظرية، بل بدأت التنفيذ الفعلي على أرض الواقع؛ حيث سلط الوزير الضوء على مشروع الأمونيا الخضراء بمجمع شركة مصر لإنتاج الأسمدة (موبكو) في دمياط، والذي يتم تطويره بالشراكة مع “سكاتك” النرويجية و”يارا” الدولية. المشروع، الذي تم توقيع عقوده في يوليو 2024، يهدف لاستغلال 480 ميجاوات من طاقة الشمس والرياح لإنتاج 150 ألف طن من الأمونيا الخضراء سنوياً، ومن المقرر أن يبدأ التشغيل الفعلي في عام 2027.
وفي سياق متصل، شدد بدوي على أهمية تعظيم الاستفادة من المعادن الحيوية والنادرة اللازمة لمشروعات الطاقة المتجددة، تماشياً مع هدف الدولة لرفع نسبة الطاقة المتجددة في مزيج توليد الكهرباء إلى 42% بحلول عام 2030.
تعاون مصري عُماني واسع النطاق
وعلى هامش القمة، بحث الجانب المصري تعزيز أواصر التعاون مع سلطنة عمان، حيث التقى بدوي بنظيره العماني سالم بن ناصر العوفي. وأعرب الوزير المصري عن جاهزية مصر لتبادل الخبرات والتكنولوجيا مع السلطنة التي حققت تقدماً ملحوظاً في هذا المجال. وناقش الطرفان توسيع تواجد شركات البترول المصرية في السوق العمانية، خاصة في مشروعات البنية التحتية وتوصيل الغاز للمنازل، بالإضافة إلى برامج تدريبية مشتركة بين الشركة المصرية القابضة للغازات الطبيعية (إيجاس) وشركة أوكيو العمانية، لتبادل المعرفة في صناعات الغاز والبتروكيماويات.

