مايكروسوفت بين تعقيدات الأنظمة وتحديات السفر: تحديثات “ويندوز” تتعثر وحلول الشركات تُحلق عالياً

مايكروسوفت بين تعقيدات الأنظمة وتحديات السفر: تحديثات “ويندوز” تتعثر وحلول الشركات تُحلق عالياً

2 ديسمبر 2025 Off By Nesma Mohamed

في مفارقة لا تخلو من الغرابة، وتحديداً فيما يخص سعي مايكروسوفت المستمر لتحسين تجربة المستخدم، أطلقت الشركة تحديثاً لنظام التشغيل “ويندوز 11” كان يُفترض به أن يجعل “الوضع المظلم” (Dark Mode) أكثر تناسقاً وراحة للعين، إلا أن النتيجة جاءت معاكسة تماماً لبعض المستخدمين. التحديث الجديد، الذي حمل الرقم KB5070311، جلب معه ميزة طال انتظارها وهي تطبيق الوضع المظلم على نوافذ الحوار في “مستكشف الملفات” (File Explorer) عند النسخ أو النقل أو الحذف، لكنه في المقابل حمل مفاجأة غير سارة؛ وميض أبيض ساطع يضرب الشاشة فجأة عند فتح المستكشف.

تخبط تقني في تحديثات “ويندوز 11”

اعترفت مايكروسوفت صراحة بوجود هذا الخلل في قسم “المشكلات المعروفة” بالتحديث، مشيرة إلى أن المستخدمين قد يواجهون شاشة بيضاء فارغة لفترة وجيزة قبل تحميل الملفات والمجلدات عند استخدام الوضع المظلم. هذا الوميض يشبه “قنبلة ضوئية” صغيرة تنفجر في وجه المستخدم الجالس في غرفة مظلمة، وهو أمر يثير الدهشة حول كيفية تجاوز هذا الخطأ الواضح لمراحل الاختبار، خاصة وأن الشركة تعهدت سابقاً بتوحيد تجربة الوضع المظلم عبر النظام بأكمله. وبالرغم من أن العمل جارٍ لإصلاح هذا الخطأ، ومع وعود بتحسينات قادمة تشمل مربعات الحوار وأشرطة التقدم، إلا أن هذا الموقف يعكس التحديات المستمرة في ضبط التفاصيل الدقيقة لنظام التشغيل الموجه للأفراد.

قطاع الطيران: واجهة أخرى للتكنولوجيا

على النقيض تماماً من هذا التعثر البسيط في واجهات المستخدم الشخصية، تلعب تقنيات مايكروسوفت دوراً محورياً وحاسماً في قطاع لا يحتمل الخطأ، وهو قطاع السفر والطيران. ففي غرف العمليات التي لا يهدأ فيها ضجيج اللاسلكي، وحيث تتسابق الفرق مع الزمن لإدارة الرحلات المزدحمة والمسارات المتشعبة، أصبحت منصة “Microsoft Teams” بمثابة العصب الرقمي الذي يربط بين العمليات والأطقم والخدمات الأرضية.

تشير التوقعات الاقتصادية، وفقاً لتقرير “ديلويت” لعام 2025، إلى ارتفاع السفر الترفيهي بنسبة 7%، بينما ترسم “ماكينزي” صورة أكثر تعقيداً لشبكات الطيران المتشابكة والضغوط التشغيلية المتزايدة. وفي ظل هذه الظروف، حيث يتوقع 42% من المسافرين تواصلاً رقمياً مستمراً وسلساً، لم يعد الاعتماد على الطرق التقليدية مجدياً. وهنا تبرز أهمية التحول الرقمي، حيث لجأت شركات طيران كبرى ومشغلون عالميون إلى حلول مايكروسوفت السحابية لتوحيد قنوات الاتصال واتخاذ قرارات أسرع عند حدوث أي خلل.

تحويل الأزمات إلى فرص منظمة

تعتبر مجموعة طيران الإمارات مثالاً حياً على هذا التوجه، حيث بنت بيئة عمل رقمية آمنة تعتمد على “Microsoft 365” و”Azure”، مما أتاح للموظفين التعاون على مدار الساعة عبر القارات. ولم يقف الأمر عند هذا الحد، فمشروع “Turn Time at the Gate” الذي استعرضته مايكروسوفت يوضح كيف يمكن للذكاء الاصطناعي و”Teams” تنسيق عملية تجهيز الطائرة بالكامل، من الطاقم إلى التموين والصيانة، عبر جدول زمني موحد وتنبيهات فورية يراها الجميع في آن واحد.

وفي سياق إدارة الأزمات، أثبتت التكنولوجيا جدارتها مع “مجموعة طيران الخليج”، التي وحدت شركاتها الفرعية تحت مظلة تقنية واحدة، مما أدى لخفض أعباء إدارة تكنولوجيا المعلومات بنسبة 95% وتكاليف البرمجيات بنسبة 20%. لكن المكسب الحقيقي ظهر في التعامل مع الاضطرابات الجوية أو التأخيرات، حيث يقوم النظام تلقائياً بإنشاء مجموعات عمل مخصصة للأزمة، تضم بيانات الرحلة والمسؤولين المعنيين، مما يتيح متابعة التحديثات لحظة بلحظة بدلاً من الغرق في المكالمات الهاتفية الطويلة.

ربط الفرق الميدانية وتوظيف الذكاء الاصطناعي

لطالما عانت المطارات من فجوة في التواصل بين المكاتب الإدارية والفرق الميدانية، وهي مشكلة تصدت لها شركة “مينزيز للطيران” (Menzies Aviation) بذكاء. فبعد أن كان التواصل مع الأطقم الأرضية مشتتاً، منحت الشركة هوية رقمية لكل موظف عبر “Teams”، مما ربط أكثر من 25 ألف موظف في 37 دولة بتحديثات حية. وفي ريغا، اتخذت شركة “طيران البلطيق” (airBaltic) منحى عملياً بإنشاء تطبيقات مخصصة لإدارة نوبات العمل والتقارير اليومية، مما وفر طباعة ألف صفحة شهرياً واختصر عمليات إعداد التقارير من يومين كاملين إلى 15 دقيقة فقط، مع إمكانية الوصول لبيانات المسافرين مباشرة من داخل المحادثة.

ولم يتوقف التطور عند الربط والاتصال، بل وصل إلى الاستفادة القصوى من البيانات والذكاء الاصطناعي. فقد استغل مطار براغ خدمات “Azure AI” ومساعد “Copilot” لتلخيص التحديثات للموظفين، مما وفر عليهم ساعات من العمل الإداري الروتيني. وعلى الجانب الآخر من العالم، وتحديداً في البرازيل، قامت شركة “GOL” للطيران ببناء “بحيرة بيانات” ضخمة تجمع معلومات الجداول والوقود والطقس، وأتاحتها للمديرين عبر روبوت محادثة ذكي داخل “Teams”، مما حول البيانات الجامدة إلى رؤى قابلة للتنفيذ بضغطة زر. حتى في قطاع الرحلات البحرية، طورت “هولاند أمريكا لاين” مساعداً ذكياً يدعى “آنا” لمساعدة الضيوف في التخطيط لرحلاتهم، مما يفرغ الطاقم للتركيز على تقديم تجربة إنسانية مميزة للركاب.